أ- قال ابن جماعة في كتابه إيضاح الدليل في قطع حجج أهل التعطيل ص210 :” عَن أنس فِي قَوْله تَعَالَى {فَلَمَّا تجلى ربه للجبل جعله دكا} قَالَ هَكَذَا يَعْنِي أَنه أخرج طرف خِنْصره
هَذَا حَدِيث ضَعِيف لم يروه إِلَّا ابْن أبي العوجاء الزنديق وَكَانَ يضع الحَدِيث على ثَابت “
أقول : ليس في سند شيء من طرق هذا الحديث ذكر ابن أبي العوجاء وإنما هو حماد بن سلمة أثبت الناس في ثابت ، ورواية دس ابن أبي العوجاء أحاديث موضوعة في كتب حماد بن سلمة رواية باطلة انفرد بها محمد بن شجاع الثلجي الجهمي الكذاب .
وهذا الحديث خرجه عدد من أئمة الإسلام في كتبهم منهم الإمام أحمد في مسنده ، وابنه عبد الله في السنة والخلال في السنة وغيرهم كثير واحتجوا به
ب- قال ابن جماعة في كتابه المذكور ص210 :” يرْوى عَن أبي الْأَحْوَص عَن أَبِيه ابي مَالك عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حَدِيث قَالَ فِيهِ فَكل مَا أحل الله لَك وساعد الله أَشد من ساعدك ومُوسَى الله أحد من موساك هَذَا حَدِيث ضَعِيف عِنْد أَئِمَّة الحَدِيث”
أقول : قاتل الله الجهل والكذب لم يضعف أحد من أئمة الحديث هذا الخبر بل هو مخرج في مسند أحمد وذكره ابن حبان في صحيحه ، والبيهقي على أشعريته لما ذكر الحديث في الأسماء والصفات ما تكلم على إسناده بشيء
ج- قال ابن جماعة في كتابه المذكور ص228 :” عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَرَأَ {إِن الله كَانَ سميعا بَصيرًا} فَوضع يَده على أُذُنه ثمَّ على عينه
هَذَا // حَدِيث ضَعِيف // لَا أصل لَهُ وَقد يتَمَسَّك بِهِ بعض المشبهة”
أقول : قاتل الله الجهل هذا حديث ثابت في سنن أبي داود
قال أبو داود في سننه 4728 : حدثنا علي بن نصر ومحمد بن يونس النسائي المعنى قالا أخبرنا عبد الله بن يزيد المقرىء ثنا حرملة يعني ابن عمران حدثني أبو يونس سليم بن جبير مولى أبي هريرة قال
: سمعت أبا هريرة يقرأ هذه الآية { إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها } إلى قوله تعالى { سميعا بصيرا } قال رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم يضع إبهامه على أذنه والتي تليها على عينه قال أبو هريرة رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقرؤها ويضع إصبعيه قال ابن يونس قال المقري يعني إن الله سميع بصير يعني أن لله سمعا وبصرا
قال أبو داود : وهذا رد على الجهمية .
أقول : فتأمل الفرق بين تعليق أبي داود العالم السني وتعليق ابن جماعة الجهمي الجاهل
د- قال ابن جماعة في ص204 من كتابه المذكور :”
يرْوى عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لما خلق الله تَعَالَى آدم وَنفخ فِيهِ من روحه عطس الحَدِيث قَالَ فِيهِ فَقَالَ الله تبَارك وَتَعَالَى ويداه مقبوضتان اختر أَيَّتهمَا شِئْت فَقَالَ اخْتَرْت يَمِين رَبِّي وَفِي رِوَايَة فَلَمَّا قبض الله تَعَالَى الذُّرِّيَّة من ظهر آدم بكفيه قَالَ خُذ أَيَّتهمَا شِئْت قَالَ أخذت يَمِين رَبِّي وكلتا يَدَيْهِ يَمِين
فَفَتحهَا وَفِي رِوَايَة فبسطها فَإِذا فِيهَا آدم وَذريته
هَذَا حَدِيث ضَعِيف جدا تفرد بِهِ حَاتِم بن اسماعيل وَهُوَ ضَعِيف جدا”
أقول : قاتل الله الجهل فإن حاتماً بن إسماعيل ليس ضعيفاً جداً باتفاق
قال المزي في تهذيب الكمال :” قال أبو بكر الأثرم عن أحمد بن حنبل : حاتم بن إسماعيل أحب إلى من الدراوردى ،
زعموا أن حاتما كان فيه غفلة ، إلا أن كتابه صالح .
و قال أبو حاتم : هو أحب إلى من سعيد بن سالم .
و قال النسائى : ليس به بأس .
و قال محمد بن سعد : كان أصله من الكوفة ، و لكنه انتقل إلى المدينة فنزلها “
وزاد ابن حجر في التهذيب :” كذا قال فى ” الثقات ” ( يعنى تاريخ وفاته ) ، و كذا عند البخارى أيضا فى ” التاريخ الكبير ” ، و فى ” الأوسط ” أيضا .
و قال العجلى : ثقة .
و كذا قال إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين .
و قال ابن المدينى : روى عن جعفر عن أبيه أحاديث مراسيل أسندها .
و قرأت بخط الذهبى فى ” الميزان ” : قال النسائى : ليس بالقوى . اهـ “
فأين التضعيف الشديد ؟
هذا أولاً وثانياً الحديث ليس من طريقه أصلاً !
قال الترمذي في جامعه 3368 : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا الحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ وَنَفَخَ فِيهِ الرُّوحَ عَطَسَ فَقَالَ: الحَمْدُ لِلَّهِ، فَحَمِدَ اللَّهَ بِإِذْنِهِ، فَقَالَ لَهُ رَبُّهُ: رَحِمَكَ اللَّهُ يَا آدَمُ، اذْهَبْ إِلَى أُولَئِكَ المَلَائِكَةِ، إِلَى مَلَإٍ مِنْهُمْ جُلُوسٍ، فَقُلْ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، قَالُوا: وَعَلَيْكَ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى رَبِّهِ، فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ بَنِيكَ، بَيْنَهُمْ، فَقَالَ اللَّهُ لَهُ وَيَدَاهُ مَقْبُوضَتَانِ: اخْتَرْ أَيَّهُمَا شِئْتَ، قَالَ: اخْتَرْتُ يَمِينَ رَبِّي وَكِلْتَا يَدَيْ رَبِّي يَمِينٌ مُبَارَكَةٌ ثُمَّ بَسَطَهَا فَإِذَا فِيهَا آدَمُ وَذُرِّيَّتُهُ، فَقَالَ: أَيْ رَبِّ، مَا هَؤُلَاءِ؟ فَقَالَ: هَؤُلَاءِ ذُرِّيَّتُكَ، فَإِذَا كُلُّ إِنْسَانٍ مَكْتُوبٌ عُمْرُهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، فَإِذَا فِيهِمْ رَجُلٌ أَضْوَؤُهُمْ – أَوْ مِنْ أَضْوَئِهِمْ – قَالَ: يَا رَبِّ مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا ابْنُكَ دَاوُدُ قَدْ كَتَبْتُ لَهُ عُمْرَ أَرْبَعِينَ سَنَةً. قَالَ: يَا رَبِّ زِدْهُ فِي عُمْرِهِ. قَالَ: ذَاكَ الَّذِي كُتِبَ لَهُ. قَالَ: أَيْ رَبِّ، فَإِنِّي قَدْ جَعَلْتُ لَهُ مِنْ عُمْرِي سِتِّينَ سَنَةً. قَالَ: أَنْتَ وَذَاكَ. قَالَ: ثُمَّ أُسْكِنَ الجَنَّةَ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ أُهْبِطَ مِنْهَا، فَكَانَ آدَمُ يَعُدُّ لِنَفْسِهِ، قَالَ: فَأَتَاهُ مَلَكُ المَوْتِ، فَقَالَ لَهُ آدَمُ: قَدْ عَجَّلْتَ، قَدْ كُتِبَ لِي أَلْفُ سَنَةٍ. قَالَ: بَلَى وَلَكِنَّكَ جَعَلْتَ لِابْنِكِ دَاوُدَ سِتِّينَ سَنَةً، فَجَحَدَ فَجَحَدَتْ ذُرِّيَّتُهُ، وَنَسِيَ فَنَسِيَتْ ذُرِّيَّتُهُ. قَالَ: فَمِنْ يَوْمِئِذٍ أُمِرَ بِالكِتَابِ وَالشُّهُودِ “: «هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الوَجْهِ، وَقَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» مِنْ رِوَايَةِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
ه- وقال في ص 201 من كتابه المذكور :” حَدِيث أبي رزين الْعقيلِيّ قَالَ قلت يَا رَسُول الله أَيْن كَانَ رَبنَا قبل أَن يخلق الْخلق قَالَ كَانَ فِي عماء مَا فَوْقه هَوَاء وَمَا تَحْتَهُ هَوَاء ثمَّ خلق الْعَرْش على المَاء هَذَا حَدِيث تفرد بِهِ يعلى بن عَطاء عَن وَكِيع بن عدس وَيُقَال حدس وَلَا يعرف لوكيع هَذَا راو غير يعلى هَذَا وهما مَجْهُولَانِ وَقد رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَلَيْسَ كل مَا رَوَاهُ حجَّة فِي الْفُرُوع فَكيف فِي معرفَة الله تَعَالَى الَّتِي هِيَ أصل الدّين
وَاحْتج بعض الحشوية بِعَدَمِ إِنْكَار النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُؤَاله بقوله أَيْن الدَّالَّة على الْمَكَان
وَقد بَينا ضعف الحَدِيث وَعدم الِاحْتِجَاج بِهِ وَبِتَقْدِير ثُبُوته فَالْجَوَاب أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم ينفر الداخلين فِي الْإِسْلَام أَولا من الْأَعْرَاب والجاهلية لأَنهم كَانُوا أهل جفَاء وغلظة طباع غير فاهمين لدقائق النّظر فَكَانَ لاينفرهم ويعيرهم بمبادرة الأفكار عَلَيْهِم”
أقول : يعلى بن عطاء ثقة وليس مجهولاً وثقه أحمد وابن معين وقال أبو حاتم ( صالح ) فلا يقول عن هذا مجهول إلا جاهل لا يدري ما يخرج ما رأسه
ووكيع بن حدس قال فيه ابن حبان ( من الأثبات ) وقال الجوزجاني ( صدوق صالح الحديث ) وصحح له الترمذي والطبري وابن خزيمة وأبو عبيد القاسم بن سلام وما استنكر أحد من أهل العلم أخباره على شهرتها فضلاً عن دعوى ابن جماعة الفاجرة أنها من وضع الزنادقة
وأما قول الجهمي في الصحابة أنهم غير فاهمين لدقائق النظر فهم والله خيرٌ من ملء الأرض من أمثاله ومن شيوخه وقد قال الله فيهم { فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا } ولا يقارن هو ولا شيوخه الجهمية بصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن الخنزير والقرد أعلم بالله منهم فما من أحد من الخلق إلا وهو يؤمن بالعلو إلا هؤلاء الجهمية الزنادقة ومن شايعهم
وهبك سلمنا تأويلك الباطل فما عساك تصنع بسؤال النبي صلى الله عليه وسلم نفسه للجارية ( أين الله ) وأنت وأشياعك تحرمون هذه المسألة وتكفرون بجواب الجارية بل تجعلونه مذهب الحشوية .
فنسبتم النبي صلى الله عليه وسلم إلى الكفر والحشو ونسبتم صحابته إلى ذلك وهنا ابن جماعة ينسب النبي صلى الله عليه وسلم إلى إقرار الحشو والتجسيم إبقاءً على الناس ويلزمه أن يفعل هو كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم لا أن ينشر مذهبه ويصنف في نصرته فليس الناس في زمن ابن جماعة بأفقه من الناس في زمن النبي صلى الله عليه وسلم !