الرد على زعم بطلان تراخي الاستواء عن خلق السماوات والأرض

بسم الله الرحمن الرحيم

 الرد على زعم بطلان تراخي الاستواء عن خلق السماوات والأرض

          الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه .أما بعد: 
         إن من بدع الأشاعرة تأويل صفة الاستواء، وزعمت بأن الاستواء في قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} بمعنى الاستيلاء،وقد رد أهل العلم واللغة هذا التأويل الباطل من غير وجه، منها:
          قالوا: قال تعالى: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} فالعرش كان موجوداً قبل خلق السماوات والأرض، أما الاستواء بعد خلق الأرض، فلو كان الاستواء بمعنى الاستيلاء، فلا يمكن أن يكون العرش قد أتت عليه مدة وهو ليس بمستول عليه.
          فقالت بعض الأشاعرة: هذا لا يلزم؛ لأن حرف (ثم) لا تفيد الترتيب والتراخي، بدليل قوله تعالى:{خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا{ وقال: {وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ} وقال: {ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ …} وقال الشاعر:
إن من ساد ثم ساد أبوه ……… ثم ساد قبل ذلك جده
          وقد أجاب علامة النحو وإمام العربية ابن هشام جمال الدين أبو محمد الشافعي ثم الحنبلي، عن الآيات وقول الشاعر بأجوبة فقال:
“والجواب عن الآية الأولى من خمسة أوجه:
          أحدهما: أن العطف على محذوف، أي: من نفس واحدة أنشأها، ثم جعل منها زوجها.
          الثاني: أن العطف على واحدة على تأويلها بالفعل، أي: من نفس توحدت، أي انفردت، ثم جعل منها زوجها.
          الثالث: أن الذرية أخرجت من ظهر آدم – عليه السلام -، كالذر ثم خلقت حواء من قصيراه.
          الرابع: أن خلق حواء من آدم لما لم تجر العادة بمثله، جيء بثمّ إيذاناً بترتبه وتراخيه في الإعجاب وظهور القدرة، لا لترتيب الزمان وتراخيه.
          الخامس: أنّ (ثم) لترتيب الأخبار، لا لترتيب الحكم، وأنه يقال: بلغني ما صنعت اليوم ثم ما صنعت أمس أعجب، أي: ثم أخبرك أن الذي صنعته أمس أعجب…
          وقد أجيب عن الآية الثانية أيضاً بأنّ (سواه) عطف على الجملة الأولى، لا الثانية.
          وأجاب ابن عصفور على البيت بأن المراد أن الجد أتاه السؤدد من قبل الأب، والأب من قبل الابن…” اهـ.
[انظر: مغني اللبيب (1/117-118]

قلت: قد نسب البغدادي في خزانة الأدب (11/37) بيت الشعر لأبي نواس الحسن وقال: “وهذا البيت من شعر مولد لا يوثق به، وأوله مغير، وهو أول أبيات سبعة لأبي نواس الحسن بن هانئ مدح بها العباس بن عبيد الله بن أبي جعفر”.
          وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
بقلم : أحمد الرئيسي

Author: admin