قال الإمام اللالكائي 314 – أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْعَبَّاسِ , قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ شُعَيْبُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الرَّاجِيَانِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ الْمَوْصِلِيُّ بِسُرَّ مَنْ رَأَى سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ قَالَ: سَمِعْتُ شُعَيْبَ بْنَ حَرْبٍ يَقُولُ: «قُلْتُ» لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ سُفْيَانَ بْنِ سَعِيدٍ الثَّوْرِيِّ: ” حَدِّثْنِي بِحَدِيثٍ مِنَ السُّنَّةِ يَنْفَعُنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ , فَإِذَا وَقَفْتُ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَسَأَلَنِي عَنْهُ. فَقَالَ لِي: «مِنْ أَيْنَ أَخَذْتَ هَذَا؟» قُلْتُ: «يَا رَبِّ حَدَّثَنِي بِهَذَا الْحَدِيثِ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ , وَأَخَذَتْهُ عَنْهُ فَأَنْجُو أَنَا وَتُؤَاخَذُ أَنْتَ» . فَقَالَ: ” يَا شُعَيْبُ هَذَا تَوْكِيدٌ وَأَيُّ تَوْكِيدٍ , اكْتُبْ:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ , مِنْهُ بَدَأَ وَإِلَيْهِ يَعُودُ , مَنْ قَالَ غَيْرَ هَذَا فَهُوَ كَافِرٌ ,
وَالْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ وَنِيَّةٌ , يَزِيدُ وَيَنْقُصُ , يَزِيدُ بِالطَّاعَةِ وَيَنْقُصُ بِالْمَعْصِيَةِ , وَلَا يَجُوزُ الْقَوْلُ إِلَّا بِالْعَمَلِ ,
وَلَا يَجُوزُ الْقَوْلُ وَالْعَمَلُ إِلَّا بِالنِّيَّةِ , وَلَا يَجُوزُ الْقَوْلُ وَالْعَمَلُ وَالنِّيَّةُ إِلَّا بِمُوَافَقَةِ السُّنَّةِ.
قَالَ شُعَيْبٌ: فَقُلْتُ لَهُ: ” يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَمَا مُوَافَقَةُ السُّنَّةِ؟ قَالَ: ”
تَقْدِمَةُ الشَّيْخَيْنِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , يَا شُعَيْبُ لَا يَنْفَعُكَ مَا كَتَبْتَ حَتَّى تُقَدِّمَ عُثْمَانَ وَعَلِيًّا عَلَى مَنْ بَعْدَهُمَا ,
يَا شُعَيْبُ بْنَ حَرْبٍ لَا يَنْفَعُكَ مَا كَتَبْتُ لَكَ حَتَّى لَا تَشْهَدَ لِأَحَدٍ بِجَنَّةٍ وَلَا نَارٍ إِلَّا لِلْعَشَرَةِ الَّذِينَ شَهِدَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ وَكُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ ,
يَا شُعَيْبُ بْنَ حَرْبٍ لَا يَنْفَعُكَ مَا كَتَبْتُ لَكَ حَتَّى تَرَى الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ دُونَ خَلْعِهِمَا أَعْدَلَ عِنْدَكَ مِنْ غَسْلِ قَدَمَيْكَ ,
يَا شُعَيْبُ بْنَ حَرْبٍ وَلَا يَنْفَعُكَ مَا كَتَبْتَ حَتَّى يَكُونَ إِخْفَاءُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فِي الصَّلَاةِ أَفْضَلَ عِنْدَكَ مِنْ أَنْ تَجْهَرَ بِهِمَا ,
يَا شُعَيْبُ بْنَ حَرْبٍ لَا يَنْفَعُكَ الَّذِي كَتَبْتَ حَتَّى تُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ وَحُلْوُهِ وَمُرِّهِ , كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ,
يَا شُعَيْبُ بْنَ حَرْبٍ وَاللَّهِ مَا قَالَتِ الْقَدَرِيَّةُ مَا قَالَ اللَّهُ , وَلَا مَا قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ , وَلَا مَا قَالَ النَّبِيُّونَ , وَلَا مَا قَالَ أَهْلُ الْجَنَّةِ , وَلَا مَا قَالَ أَهْلُ النَّارِ , وَلَا مَا قَالَ أَخُوهُمْ إِبْلِيسُ لَعَنَهُ اللَّهُ , قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} [الجاثية: 23] , وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} , وَقَالَتِ الْمَلَائِكَةُ: {سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} [البقرة: 32] , وَقَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: {إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ} [الأعراف: 155] , وَقَالَ نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ: {وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [هود: 34] , وَقَالَ شُعَيْبٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ: {وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا} [الأعراف: 89], وَقَالَ أَهْلُ الْجَنَّةِ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ} [الأعراف: 43] , وَقَالَ أَهْلُ النَّارِ: {غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ} [المؤمنون: 106] , وَقَالَ أَخُوهُمْ إِبْلِيسُ لَعَنَهُ اللَّهُ: {رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي} [الحجر: 39] .
يَا شُعَيْبُ لَا يَنْفَعُكَ مَا كَتَبْتَ حَتَّى تَرَى الصَّلَاةَ خَلْفَ كُلِّ بَرٍّ وَفَاجِرٍ , وَالْجِهَادَ مَاضِيًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ , وَالصَّبْرَ تَحْتَ لِوَاءِ السُّلْطَانِ جَارَ أَمْ عَدَلَ “.
قَالَ شُعَيْبٌ: فَقُلْتُ ” لِسُفْيَانَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ: «الصَّلَاةُ كُلُّهَا؟» قَالَ: ” لَا , وَلَكِنْ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ , صَلِّ خَلْفَ مَنْ أَدْرَكْتَ , وَأَمَّا سَائِرُ ذَلِكَ فَأَنْتَ مُخَيَّرٌ , لَا تُصَلِّ إِلَّا خَلْفَ مَنْ تَثِقُ بِهِ , وَتَعْلَمُ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ , يَا شُعَيْبُ بْنَ حَرْبٍ إِذَا وَقَفْتَ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَسَأَلَكَ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقُلْ: يَا رَبِّ حَدَّثَنِي بِهَذَا الْحَدِيثِ سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّوْرِيُّ «, ثُمَّ خَلِّ بَيْنِي وَبَيْنَ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ»