قال الإمام أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم , قال: سألت أبي وأبا زرعة عن مذاهب أهل السنة في أصول الدين , وما أدركا عليه العلماء في جميع الأمصار , وما يعتقدان من ذلك , فقالا: ” أدركنا العلماء في جميع الأمصار حجازا وعراقا وشاما ويمنا فكان من مذهبهم:
[1] الإيمان قول وعمل , يزيد وينقص .
[2] والقرآن كلام الله غير مخلوق بجميع جهاته .
[3]والقدر خيره وشره من الله عز وجل .
[4]وخير هذه الأمة بعد نبيها عليه الصلاة والسلام أبو بكر الصديق , ثم عمر بن الخطاب , ثم عثمان بن عفان , ثم علي بن أبي طالب عليهم السلام , وهم الخلفاء الراشدون المهديون .
[5]وأن العشرة الذين سماهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وشهد لهم بالجنة على ما شهد به رسول الله صلى الله عليه وسلم وقوله الحق.
[6]والترحم على جميع أصحاب محمد والكف عما شجر بينهم.
[7]وأن الله عز وجل على عرشه بائن من خلقه كما وصف نفسه في كتابه , وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم بلا كيف.
[8]أحاط بكل شيء علماً.
[9]{ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} [الشورى: 11] .
[10]وأنه تبارك وتعالى يرى في الآخرة , يراه أهل الجنة بأبصارهم .
[11]ويسمعون كلامه كيف شاء وكما شاء.
[12] والجنة حق والنار حق وهما مخلوقان لا يفنيان أبدا , والجنة ثواب لأوليائه , والنار عقاب لأهل معصيته إلا من رحم الله عز وجل.
[13]والصراط حق.
[14]والميزان حق , له كفتان , توزن فيه أعمال العباد حسنها وسيئها حق.
[15]والحوض المكرم به نبينا حق.
[16]والشفاعة حق.
[17]والبعث من بعد الموت حق.
[18]وأهل الكبائر في مشيئة الله عز وجل.
[19]ولا نكفر أهل القبلة بذنوبهم , ونكل أسرارهم إلى الله عز وجل.
[20]ونقيم فرض الجهاد والحج مع أئمة المسلمين في كل دهر وزمان.
[21]ولا نرى الخروج على الأئمة ولا القتال في الفتنة , ونسمع ونطيع لمن ولاه الله عز وجل أمرنا ولا ننزع يدا من طاعة.
[22]ونتبع السنة والجماعة.
[23]ونجتنب الشذوذ والخلاف والفرقة.
[24]وأن الجهاد ماض منذ بعث الله عز وجل نبيه عليه الصلاة والسلام إلى قيام الساعة مع أولي الأمر من أئمة المسلمين لا يبطله شيء. والحج كذلك.
[25]ودفع الصدقات من السوائم إلى أولي الأمر من أئمة المسلمين.
[26]والناس مؤمنون في أحكامهم ومواريثهم , ولا ندري ما هم عند الله عز وجل . فمن قال: إنه مؤمن حقا فهو مبتدع , ومن قال: هو مؤمن عند الله فهو من الكاذبين , ومن قال: هو مؤمن بالله حقا فهو مصيب.
[27]والمرجئة المبتدعة ضلال.
[28]والقدرية المبتدعة ضلال , فمن أنكر منهم أن الله عز وجل لا يعلم ما لم يكن قبل أن يكون فهو كافر.
[29]وأن الجهمية كفار.
[30]وأن الرافضة رفضوا الإسلام.
[31]والخوارج مراق.
[32]ومن زعم أن القرآن مخلوق فهو كافر بالله العظيم كفرا ينقل عن الملة. ومن شك في كفره ممن يفهم فهو كافر.
[33]ومن شك في كلام الله عز وجل فوقف شاكا فيه يقول: لا أدري مخلوق أو غير مخلوق فهو جهمي. ومن وقف في القرآن جاهلا علم وبدع ولم يكفر.
[34]ومن قال: لفظي بالقرآن مخلوق فهو جهمي أو القرآن بلفظي مخلوق فهو جهمي.
[35]قال أبو محمد: وسمعت أبي يقول: ” وعلامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر , وعلامة الزنادقة تسميتهم أهل السنة حشوية يريدون إبطال الآثار.
وعلامة الجهمية تسميتهم أهل السنة مشبهة.
وعلامة القدرية تسميتهم أهل الأثر مجبرة.
وعلامة المرجئة تسميتهم أهل السنة مخالفة ونقصانية.
وعلامة الرافضة تسميتهم أهل السنة ناصبة.
ولا يلحق أهل السنة إلا اسم واحد ويستحيل أن تجمعهم هذه الأسماء.
قال أبو محمد: وسمعت أبي وأبا زرعة يأمران بهجران أهل الزيغ والبدع يغلظان في ذلك أشد التغليظ , وينكران وضع الكتب برأي في غير آثار, وينهيان عن مجالسة أهل الكلام والنظر في كتب المتكلمين , ويقولان: لا يفلح صاحب كلام أبدا.
قال أبو محمد: وأنا قلتُ به .(3 )
_________________
( 1)الإمام أبو حاتم محمد بن إدريس بن المنذر الحنظلي هو الإمام، الحافظ، الناقد، شيخ المحدثين، الحنظلي كان من بحور العلم، طوف البلاد، وبرع في المتن والإسناد، وجمع وصنف، وجرح وعدل، وصحح وعلل.
توفى سنة سبع وسبعين ومائتين رحمه الله.انظر ترجمته من “سير أعلام النبلاء”(13/247).
( 2) الإمام أبو زرعة عبيد الله بن عبد الكريم القرشي هو الإمام، سيد الحفاظ ا أحد الأئمة الأعلام. قال أبو حاتم: لم يخلف بعده مثله علماً وفقهاً وصيانة وصدقاً.. توفي رحمه الله سنة أربع وستين ومائتين.انظر ترجمته من”سير أعلام النبلاء”(13/ 65).
(3)روى هذه العقيدة الإمام اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (1/176-179، برقم321) وغيره ، قال الشيخ الألباني في مختصر العلو (ص204-205) : (قلت: هذا صحيح ثابت عن أبي زرعة وأبي حاتم رحمة الله عليهما … ) إلى أن قال: (ورسالة بن أبي حاتم محفوظة في المجموع (11) في الظاهرية في آخر كتاب (زهد الثمانية من التابعين) .