قال الباقلاني الأشعري – في كتابه التهميد ، ما نصه :
بابٌ في أنّ لله وجهاً ويَدَيْن
فإن قال قائل : فما الحجة في أن لله عز وجل وجهاً ويدين …؟؟؟
قيل له : ” ويبقى وجهه ربك ذو الجلال والإكرام “. و قوله تعالى : ” ما منعك أن تسجد لما خلقتُ بيديَّ “.
فأثبت لنفسه وجهاً ويدين
فإن قالوا : فلِمَ أنكرتم أن يكون المعنى في قوله : ” خلقت بيديَّ ” . أنه خلقه بقدرته أو نعمته …؟؟؟. لأن اليد في اللغة قد تكون بمعنى النعمة ، وبمعنى القدرة ، كما يُقال : لي ” عند فلان يد بيضاء ” . يُراد به نعمة . وكما يقال : ” هذا الشيء في يد فلان وتحت يد فلان ” . يراد به أنه تحت قدرته وفي ملكه ، ويقال : ” رجل أيْدٌ إذا كان قادراً ” . وكما قال تعالى : ” خلقنا لهم مما عملت أيدينا ”
يريد علمنا بقدرتنا ، وقال الشاعر :
إذا ما رايةٌ رُفعت لجدٍ…. تلقّاها عرابةُ باليمين
فكذلك قوله : ” خلقت بيديَّ” يعني بقدرتي أو نعمتي.
يُقال لهم :
هذا بـــــــــاطل
لأن قوله :” بيديَّ ” . يقتضي إثبات يدين هما صفة له ، فلو كان المراد بهما القدرة لوجب أن يكون له قُدرتان ، وأنتم تزعمون – أي المعتزلة – أن للباري قدرة واحدة ، فكيف يجوز أن تثبتوا له قُدرتين ..؟؟؟.
وقد أجمع المسلمون من مثبتي الصفات ، والنافين لها : على أنه لايجوز أن يكون له تعالى قدرتان ، فبطل ما قُلتم ، وكذلك لايجوز أن يكون الله تعالى خلق آدم بنعمتين ، لأن نعم الله تعالى على آدم وعلى غيره لاتعد ولاتحصى ، ولأن القائل لايجوز أن يقول : ” رفعت الشيء بيدي أو وضعته بيدي ” . وهو يعني نعمته .
وكذلك لايجوز أن يقال : لي عند فلان يدان يعني نعمتين ، وإنما يقال : ” لي عنده يدان بيضاوان ” . لأن القول: ( يد ) . لايستعمل إلا في اليد التي هي صفة الذات ، ويدل على فساد تأويلهم أيضاً أنه : لو كان الأمر على ما قالوه ، لم يغفل عن ذلك إبليس وعن أن يقول :
وأي فضل لآدم عليَّ يقتضي أن أسجد له وأنا أيضاً بيدك خلقتني التي هي قدرتك وبنعمتك خلقتني …؟؟؟. ” .
فما قول الأشاعرة في هذا النقل الموثق للإمام الأشعري الكبير أبو بكر الباقلاني رحمه الله تعالى ..؟؟؟.
—————-
* انظر التمهيد للباقلاني : ( ص 258 ) . طبعة المكتبة الشرقية بيروت عام 1957م