قال الإمام أبي الحسن:
إن قال قائل: ما تقولون في الاستواء؟
قيل له: نقول: إن الله عز وجل يستوي على عرشه استواء يليق به من غير طول استقرار، كما قال: (الرحمن على العرش استوى) (5 /20) ، وقد قال تعالى: (إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه) من الآية (10 /35) ، وقال تعالى: (بل رفعه الله إليه) من الآية (158 /4) ، وقال تعالى: (يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه) من الآية (5 /32) ، وقال تعالى حاكيا عن فرعون لعنه الله: (يا هامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب أسباب السماوات فأطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبا) من الآيتين (36 – 37 /40) ، كذب موسى عليه السلام في قوله: إن الله سبحانه فوق السماوات.
وقال تعالى: (أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض) من الآية (16 /67)
فالسماوات فوقها العرش، فلما كان العرش فوق السماوات قال: (أأمنتم من في السماء) من الآية (14 /67) … لأنه مستو على العرش الذي فوق السماوات، وكل ما علا فهو سماء، والعرش أعلى السماوات، وليس إذا قال: (أأمنتم من في السماء) من الآية (16 /67) يعني جميع السماوات، وإنما أراد العرش الذي هو أعلى السماوات، ألا ترى الله تعالى ذكر السماوات، فقال تعالى: (وجعل القمر فيهن نورا) من الآية (16 /7) ، ولم يرد أن القمر يملأهن جميعا، وأنه فيهن جميعا، ورأينا المسلمين جميعا يرفعون أيديهم إذا دعوا نحو السماء؛ لأن الله تعالى مستو على العرش الذي هو فوق السماوات، فلولا أن الله عز وجل على العرش لم يرفعوا أيديهم نحو العرش، كما لا يحطّونها إذا دعوا إلى الأرض
وقد قال قائلون من المعتزلة والجهمية والحرورية: إن معنى قول الله تعالى: (الرحمن على العرش استوى) (5 /20) أنه استولى وملك وقهر، وأن الله تعالى في كل مكان، وجحدوا أن يكون الله عز وجل مستو على عرشه، كما قال أهل الحق، وذهبوا في الاستواء إلى القدرة.
ولو كان هذا كما ذكروه كان لا فرق بين العرش والأرض السابعة؛ لأن الله تعالى قادر على كل شيء والأرض لله سبحانه
الإبانة للأشعري ص105