قال شيخ الإسلام في التدمرية ص68 الى 73 : تارة يجعلون المعنى الفاسد ظاهر اللفظ، حتى يجعلوه محتاجًا إلى تأويل يخالف الظاهر، ولا يكون كذلك. وتارة يردون المعنى الحق الذي هو ظاهر اللفظ، لاعتقادهم أنه باطل.
كما قالوا في قوله: (عبدي جعت فلم تطعمني … ) الحديث، وفي الأثر الآخر: (الحجر الأسود يمين الله في الأرض، فمن صافحه وقبَّله فكأنما صافح الله وقبَّل يمينه) ، وقوله: (قلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن)
فقالوا: قد عُلم أن ليس في قلوبنا أصابع الحق. فيقال لهم: لو أعطيتم النصوص حقها من الدلالة لعلمتم أنها لا تدل إلا على حق. أما الحديث الواحد فقوله: (الحجر الأسود يمين الله في الأرض، فمن صافحه وقبَّله فكأنما صافح الله وقبَّل يمينه) صريح في أن الحجر الأسود ليس هو صفة لله، ولا هو نفس يمينه، لأنه قال: (يمين الله في الأرض) ، وقال: (فمن قبَّله وصافحه فكأنما صافح الله وقبَّل يمينه) ومعلوم أن المشبّه غير المشبَّه به، ففي نص الحديث بيان أن مستلمه ليس مصافحًا لله، وأنه ليس هو نفس يمينه، فكيف يجعل ظاهره كفرًا، وأنه محتاج إلى التأويل! مع أن هذا الحديث إنما يعرف عن ابن عباس. وأما الحديث الآخر: فهو في الصحيح مفسَّرًا: (يقول الله: عبدي جعت فلم تطعمنى. فيقول: ربِّ كيف أطعمك وأنت رب العالمين؟!. فيقول: أما علمت أن عبدي فلانًا جاع، فلو أطعمته لوجدت ذلك عندي. عبدي مرضت فلم تعدني. فيقول: ربِّ كيف أعودك وأنت رب العالمين؟!. فيقول: أما علمت أن عبدي فلانًا مرض، فلو عدته لوجدتني عنده)
وهذا صريح في أن الله سبحانه وتعالى لم يمرض ولم يجع، ولكن مرض عبده وجاع عبده، فجعل جوعه جوعه، ومرضه مرضه، مفسِّرًا ذلك بأنك (لو أطعمته لوجدت ذلك عندي، ولو عدته لوجدتني عنده) . فلم يبق في الحديث لفظ يحتاج إلى تأويل. وأما قوله: (قلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن) ، فإنه ليس في ظاهره أن القلب متصل بالأصابع، ولا مماس لها، ولا أنها في جوفه. ولا في قول القائل: هذا بين يدَيّ. ما يقتضي مباشرته ليديه. وإذا قيل: {وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ} لم يقتض أن يكون مماسًا للسماء والأرض. ونظائر هذا كثيرة